منتدى العشاق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العشاق

פשע מ גיל 9
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اعراس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خالد

خالد


ذكر
عدد الرسائل : 30
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 07/06/2008

اعراس Empty
مُساهمةموضوع: اعراس   اعراس Icon_minitimeالثلاثاء يوليو 22, 2008 6:14 pm

نضج الرمّانُ على صدرها وبان العسل في الشفتين. و ما زال الرجال يتراوحون ما بين طرق أبوابها والانضمام الى ولائمها التي لا تنتهي.



هل نسيتِ عناوين العشّاق أم أن الليل خيّم قبل الموعد المُعْلَنْ.



اجتمع عشائر باديتها ولوّحوا بقوائمهم. مَهْرُها لا يقل عن خمسين قصيدة. وبدأ "الحدّاؤون" يتنافسون على قلبها، من يجرأ اليوم على قطع أنفاس المساء؟ من يقدر على حرق قلوب العذارى؟.



وأخذ شباب الحيّ يطلقون العنان لقرائحهم الفتيّة. رقصٌ بلا نهاية، وهرمونات تتصاعد الى كبد السماء. وما تزال "القِرْبَةُ" تلعلع وتنادي .. تتحدّى ثقوب الربّابة وتنصت كلّما علا صوتها الدافئ من أصل الغدير. سبع ليالٍ والقصائد تترى لا تتوقف. شاعر ينثني لمواجهة الآخر بلا هوادة أو مجاملة، قلبها اليوم أغلى من كلّ الصفقات. وتوالى الرجال من كلّ صوب وحدب. مهرها خمسون قصيدة. مهرها قصور الشعراء المترامي بين السحاب.



ومن البعيد حضر أميرالقراصنة. كان قد سمع عن جمالها وحسنها. واصطف خانعاً بين الشعراء، كان بلا قلب أمير القراصنة. وكان على وشك نفي الحدّاءين والتعجيل بقتل الشعراء والعباد. وكان يهمّ على تقديم ثوب عرسها المرصّع بالذهب والدنانير. لكن نظرة رجاءٍ وتحدٍ لاحت من عينيها فأحجم في اللحظة الأخيرة. ولِمَ لا يحاول فرض سطوته بالحديث المنمّق والشعر كما يراه أهل البلدة غريبي الأطوار.



وشارف على قطف الرمّان من على صدرها. وشارف على ارتشاف مخزون العسل من على شفتيها. لكنها تمنعت ورفضت تسليمه ثرواتها قبل الحصول على قصائدها الخمسين. أُسقط في يد المجنون. وأمر باحضار الشعراء لكي يعلّموه بعض الشعر والكلام .. وآه يا زمان!



كانت مراكبه راسية عند شواطئها، وعسكره وبحّارته يجوبون مدينتها جيئة وذهاباً. ضاق ذرعهم بعجزه بعد أن كانوا قد اغتصبوا الصبايا وضاجعوا فتيات الليل. كانوا يشتاقون لغزوات أكثر ربحا وأكثر متعة. "ما بال هذا القرصان، أصبح قلبه ضعيفاً لا يقوى على قصف وردة". وكادوا يحيكون ضدّه المؤامرات وتحقيق انقلابٍ دامي. كان رجال البحر قد تعودّوا الغزوات السريعة المفاجئة. وها هو اللعين أمير القراصنة يتعلّم فنون الأدب وقرض الشعر وصفّ القوافي.



- مهرك غالي يا حسناء الشواطئ .. أنا لا أقوى على جمعه طِوالَ حياتي. قلبي يتمزّق يا جميلة، لا أقوى على مغادرة شواطئ الأدب هذه دونك. هاكِ خنجري، إغرزي طرفه في عمق القلب .. أريحيني من ذلّ عجزي يا قرنفلة، ثمّ أًُنثري ياسمينك فوق بقايا جسدي المعذّب. احرقي ما تبقّى من رفاتي واقذفي به الى أديم البحر، لعلّ الموج يبارك شجوني ولهفتي.



كشف له العشق والألم خبايا وأسرار الإنسان القابع في أعماقه. وكان المسكين على وشك كشف دُرَرِ الكلام، وما أصعب القوافي هذه الأيام. يسهل على القرصان اقتحام القلاع وتدمير البوارج والسفن على نسج قصيدة واحدة.



انحنى احتراماً لهؤلاء العمالقة الصغار، كيف تمكّنوا من إلحاق الهزيمة بسفنه وعسكره؟ فعلوا ذلك دون أن يطلقوا رصاصة واحدة، دون أن يشتموا أحداً. حققوا النصر بابتسامة وقصيدة!.



- أنت قادر على انتزاع جسدي وقتما تشاء أيها الأمير.



- إلاّ جسدك يا قرنفلة .. إلاّ جسدك، لن أغتصب الرحيق الذي شممت عِبْقَه من آخر المعمورة.

- آه أيها المعذّبْ، لقد حيّرتني. لقد أسمعتني أجمل قصيدة تمنّيت سماعها.



- البَيْنُ وقسوة قلبك هذبت نفسي ..



- هل تترك رجالك وتبقى الى جانبي، قُلْ نعم وأنا لك.



- لكن البحر يعيش بين جفنيّ .. لقد وعدت البحر جسدي. أخبرته وأقسمت أن أكون ملكه وطعاماً لسمكه. تعالي معي، أنت قادرة على تهذيب العواصف وكبح جماح الأعاصير.



- لا أقوى على ترك حدائقي. أنا مُلْكُ الشواطئ يا فارسي. وسال الدمع حارقاً طافحاً بين عينيها. وبكى قرصان الأمس، للمرة الأولى جرى الدمع على وجنتيه .. لثم يدها وأطراف أصابعها ثمّ صرخ بأعلى صوته:



- أحبّك.



سمع صدى صراخه الحيتان، وبكى الياسمين على شفتيها وتمرّد الرمّان على صدرها. حزم أمره وذهب مطأطئاً رأسه للمرّة الأولى نحو رجاله المجتمعين لدى سفينته منكّسة الأعلام. وكانت تشيّعه بنظراتها الجريحة، وهمست قائلة:



- أنت الشاعر يا سيد البحار. لقد مزقت قلبي وحكمت على جسدي بالعذرية، لن يمسّه أحدٌ غيرك.

وقبل أن تنطلق السفينة الى ما وراء البحار والمحيطات، تبادل الإثنان نظرات الرجاء للمرّة الأخيرة. كان الموج يتراقص في عينيه. وكان الياسمين يتمرّد في كيانها. الشهد على شفتيها يناديه، والرمّان على صدرها بدا منتصباً يناجي روحه المتقرّحة.



سمعت صوت صافرة القبطان، وأطلق الأخير سبع رصاصات في السماء؛ تحيّة لصاحبة حدائق الياسمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اعراس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العشاق :: المنتدى الادبي والثقافي :: منتدى الروايه والقصه-
انتقل الى: